responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 118
وَالْأَلْوَانُ: جَمْعُ لَوْنٍ. وَهُوَ كَيْفِيَّةٌ لِسُطُوحِ الْأَجْسَامِ مُدْرَكَةٌ بِالْبَصَرِ تَنْشَأُ مِنَ امْتِزَاجِ بَعْضِ الْعَنَاصِرِ بِالسَّطْحِ بِأَصْلِ الْخِلْقَةِ أَوْ بِصَبْغِهَا بِعُنْصُرٍ ذِي لَوْنٍ مَعْرُوفٍ. وَتَنْشَأُ مِنَ اخْتِلَاطِ عُنْصُرَيْنِ فَأَكْثَرَ أَلْوَانٌ غَيْرُ مُتَنَاهِيَةٍ. وَقَدْ تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِهِ تَعَالَى: قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا مَا لَوْنُها فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ [69] .
وَنِيطَ الِاسْتِدْلَالُ بِاخْتِلَافِ الْأَلْوَانِ بِوَصْفِ التَّذَكُّرِ لِأَنَّهُ اسْتِدْلَالٌ يَحْصُلُ بِمُجَرَّدِ تَذَكُّرِ الْأَلْوَانِ الْمُخْتَلِفَةِ إِذْ هِيَ مَشْهُورَةٌ.
وَإِقْحَامُ لَفْظِ (قَوْمٍ) وَكَوْنُ الْجُمْلَةِ تَذْيِيلًا تَقَدَّمَ آنِفًا.
وَأَبْدَى الْفَخْرُ فِي «دُرَّةِ التَّنْزِيلِ» وَجْهًا لِاخْتِلَافِ الْأَوْصَافِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [سُورَة النَّحْل: 11] وَقَوْلِهِ: لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ [سُورَة النَّحْل: 12] وَقَوْلِهِ: لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ: بِأَنَّ ذَلِكَ لِمُرَاعَاةِ اخْتِلَافِ شِدَّةِ الْحَاجَةِ إِلَى قُوَّةِ التَّأَمُّلِ بِدَلَالَةِ الْمَخْلُوقَاتِ النَّاجِمَةِ عَنِ الْأَرْضِ يحْتَاج إِلَى التفكر، وَهُوَ إِعْمَالُ النَّظَرِ الْمُؤَدِّي إِلَى الْعِلْمِ. وَدَلَالَةُ مَا ذَرَأَهُ فِي الْأَرْضِ مِنَ الْحَيَوَانِ مُحْتَاجَةٌ إِلَى مَزِيدِ تَأَمُّلٍ فِي التَّفْكِيرِ لِلِاسْتِدْلَالِ عَلَى اخْتِلَافِ أَحْوَالِهَا وَتَنَاسُلِهَا وَفَوَائِدِهَا، فَكَانَتْ بحاجة إِلَى التذكّر، وَهُوَ التَّفَكُّرُ مَعَ تَذَكُّرِ أَجْنَاسِهَا
وَاخْتِلَافِ خَصَائِصِهَا. وَأَمَّا دَلَالَةُ تَسْخِيرِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْعَوَالِمِ الْعُلْوِيَّةِ فَلِأَنَّهَا أَدَقُّ وَأَحْوَجُ إِلَى التَّعَمُّقِ. عَبَّرَ عَنِ الْمُسْتَدِلِّينَ عَلَيْهَا بِأَنَّهُمْ يَعْقِلُونَ، وَالتَّعَقُّلُ هُوَ أَعْلَى أَحْوَالِ الِاسْتِدْلَال اه.
[14]

[سُورَة النَّحْل (16) : آيَة 14]
وَهُوَ الَّذِي سَخَّرَ الْبَحْرَ لِتَأْكُلُوا مِنْهُ لَحْماً طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُوا مِنْهُ حِلْيَةً تَلْبَسُونَها وَتَرَى الْفُلْكَ مَواخِرَ فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (14)
الْقَوْلُ فِي هَذَا الِاسْتِدْلَالِ وَإِدْمَاجُ الِامْتِنَانِ فِيهِ كَالْقَوْلِ فِيمَا سَبَقَ.
وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى تَسْخِيرِ الْفُلْكِ فِي الْبَحْرِ وَتَسْخِيرِ الْأَنْهَارِ فِي أَثْنَاءِ سُورَةِ إِبْرَاهِيمَ.

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 14  صفحه : 118
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست